راجت في أميركا ملهاة مُغناة ( كوميديا غنائية ) من تأليف " ميريدث ولسن" عنوانها "عازف الموسيقى" و قد أحبها الناس لما فيها من أبيات شعرية خفيفة سهلة الحفظ. على أن هذه الملهاة تضمنت أيضاً جملة أبيات تجري مجرى الحكمة. ففي أحد المشاهد الجدية يبوح الأستاذ "هارولد هِلّ " الفنان المتهرب من دائنيه ، بحبه العظيم لموظفة المكتبة " ماريان " . ولكن ماريان يقلقها دائماً المستقبل الغامض بحيث لا تعيش يومها البتة كما ينبغي ، فيقول " هِلّ " لها : تجمعين الأيام غداً فوق غد ، فيتراكم لديك أمس فارغ فوق أمس فارغ ! .
و لربما كان الأستاذ هِلّ بلا ضمير ، إلا أنه ادرك قيمة الزمن الحاضر .
ومما قاله " ادوارد هايل " ( 1822 – 1909 ) قسيس مجلس الشيوخ الأسبق : "لا تحاول أبداً أن تحمل أكثر من هم واحد في وقت واحد . فمن الناس من يحملون ثلاثة هموم معاً : كل ما كان لهم ، و كل ما هو كائن لديهم ، و كل ما يتوقعون أن يكون ."
ألم يقل الرب يسوع : لا تهتموا للغد ، لأن الغد يهتم بما لنفسه ( متى 6 : 43 ) ؟
فلو شغلتنا جميع الأمور الجيدة التي ستحدث غداً ، لكنا اليوم أكثر ترقباً و قلقاً و غداً أكثر خيبة . ولو شغلتنا جميع الأمور السيئة التي ستكون في غدنا، لأقعدنا اليوم القلق و الخوف و الحزن .
إن المؤمن بالمسيح يتكل كلياً على إله الماضي و الحاضر و المستقبل . و بالإيمان ، نستطيع أن نسير بأمان يوماً فيوماً ، كل يوم في حينه . وذلك اليوم هو يومنا هذا !
متى أقلقنا أمر المستقبل نفقد بهجة الحياة في الحاضر .